الشرق الأوسط: حرب الائتلاف ضد "الدولة الإسلامية" هي حرب إمبريالية جديدة! - 2014

Print
ترجمة

النضال العمالي رقم 2409 في 3 أكتوبر 2014

بدأ قادة الدول الامبريالية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، بحرب جديدة في الشرق الأوسط. فمنذ بداية القصف في 8 آب الماضي في العراق وفي 22 سبتمبر في سوريا، تمكن أوباما من جمع ما يقارب الخمسين دولة في تحالف عسكري ضد تقدم عصابات لما يسمى "الدولة الإسلامية".

وفي ما يعتبر تراجع عن وعوده بالانسحاب من العراق وأفغانستان، يقدم أوباما الآن الولايات المتحدة بأنها "الرائدة عالميا في الكفاح من أجل إضعاف وتدمير المجموعة الإرهابية المعروفة باسم الدولة الاسلامية (داعش). ولتوطيد انخراط المشاركين في هذه النسخة الجديدة من الهجمات الصليبية ضد "الإرهاب"، جعلت واشنطن مجلس الأمن يصوت على قرار تتعهد فيه الدول على محاربة ترويج وتمويل "الجهاد". ذلك لأن القادة الأمريكيون يدركون جيدا بأن العديد من الدول في المشرق كما في المغرب لم تنفك عن توفير الأسلحة والدولارات لميليشيات لكونها تقوم بمحاربة عدو لهذه الدول أو حليف لهذا العدو، إلى أن تخرج هذه الميليشيات عن سيطرتها.

ووراء قادة الولايات المتحدة وفرنسا، وثلاثة عشر دول غربية أخرى من بينها بريطانيا، تجمعت ستة ديكتاتوريات عربية : المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة اللتين قامتا،ةوفقا للبنتاغون، بقصف مصاف للبترول تسيطر عليها الدولة الاسلامية. كما قامت البحرين والأردن وقطر والكويت بفتح قواعدها للطائرات الأمريكية لتسهيل عملياتها العسكرية.

لم تقم القوى الامبريالية فقط بوضع أسس الصراعات التي تعصف بين الشعوب في الشرق الأوسط معا، بل إنها قامت أيضا بتشجيع تشكيل الجماعات المسلحة بأمل استخدامها في سياساتهم في المنطق. أنها المسؤول الأول عن انهيار العراق وتفككه إلى مناطق تسيطر عليها العديد من العصابات المتناحرة، والبعض منها يقوم بدعم داعش. وهؤلاء اللصوص الكبار يعتمدون على لصوص أصغر منهم، مثل المملكة العربية السعودية وقطر، لديهم المعرفة والنفوذ في مجال الدعم المالي للجماعات المسلحة "الجهادية".

والهدف المعلن هو محاربة همجية داعش. ولكنه يكفي فقط التذكير كيف أن حقوق المرأة والعمال المهاجرين والمعارضين منهكة تماما من قبل هذه الأنظمة، وكما يتم في المملكة العربية السعودية قطع الرؤوس في الساحات العامة، لندرك أن هؤلاء "الجهاديون" لم يخترعوا شيئا.

أما تركيا التي انضمت مؤخرا إلى الحملة الصليبية، بعد الإفراج في 20 سبتمبر عن الرهائن الاتراك المحتجزين منذ ثلاثة أشهر في الموصل من قبل مجموعة من داعش، فإنها لا تقل نفاقا عن الباقين. فوفقا لرئيسها الإسلامي المحافظ رجب طيب أردوغان، لا تستطيع تركيا "البقاء خارج التحالف"، ومن المرجح أن تقوم تركيا بالسماح للإتلاف باستخدام قواعدهم العسكرية في انجرليك، ذلك في مقابل الحصول على مساعدات لدعم المليون ونصف لاجئ سوري المتواجدين في جنوب البلاد التي لا زالت تستقبل المزيد من اللاجئين.

إن انخراط أردوغان وحكومته في الاتلاف يغطي العديد من الحسابات. فالسلطة التركية كانت قد استضافت على أراضيها العديد من الجهاديين في طريقهم إلى سوريا حيث كانوا يقومون بزعزعة استقرار نظام الأسد المنافس لها. ولكنه الآن قد صبح أمام تعزيز مواقف الأكراد في العراق وسوريا، الوحيدين الذين يقفون عسكريا على الأرض بمواجهة جهاديي الدولة الاسلامية. فهم أردوغان الآن، بجانب محاربة الدولة الاسلامية نزولا لطلب الولايات المتحدة،هو بمنع تزايد نفوذ سلطة الحكم الذاتي الكردية.

هذا هو إذن التحالف الذي تم تشكيله حول الولايات المتحدة. هدفه المعلن هو محاربة سلطة داعش في العراق وفي سوريا، وهمجيتها. ولكن سلطة الدولة الاسلامية هذه، وهمجيتها، هما في حد ذاتهما من نتاج سياسات القوى العظمى وحلفائها المحليين. وفي هذا التحالف الجديد لن تتخلى أي من الدول عن لعب لعبتها على محورين أم حتى ثلاث محاور. فالمملكة العربية السعودية وتركيا وقطر مستمرون في تحقيق أهدافهم الخاصة ضد سلطة الأسد في سوريا وضد إيران والعراق، في حين تسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون فقط لاستخدام هذه الدول في محاولة لإعادة التوازن بشكل يضمن لها على الأقل استغلال الموارد النفطية.

إذا هزمت الدولة الاسلامية غدا، ما السلطة التي سوف يتم تشييدها مكانه؟ بدعم وتمويل أية قوى؟ ومع أي درجة من الوحشية؟

لم تنته شعوب العراق وسوريا وكل الشرق الأوسط بعد من دفع عواقب الفوضى التي آلت إليها تدخلات القوى الإمبريالية في المنطقة.