عندما تدركنا همجية العالم - 2015

چاپ
ترجمة

مقدمة نشرة المصانع في 16 تشرين الثاني 2015. حزب النضال العمالي - فرنسا

* * * * * * * * * *

129 قتيلا على الاقل وأكثر من 300 جريح. إن إرهابيي عمليات مساء الجمعة قد أقدموا ببرودة، وبشكل ممنهج، على قتل ما أمكنهم من نساء ورجال: منهم من كان متواجدا في المقاهي وآخرون كانوا يحضرون عرضا موسيقيا في صالة الباتاكلان وآخرون كانوا في استاد لكرة القدم.

لقد قتلوا من دون تفرقة، وبشكل عشوائي، بهدف بث الرعب في القلوب. وبوجه هذه الوحشية المتدفقة، لا يمكن للمرء إلا أن ينتابه الاشمئزاز. لا شيء يمكن أن يبرر عمليات قتل كهذه. هذه أعمال ناتجة عن أعداء البشرية جمعاء، وبالتالي أعداء العمال.

وبينما يراودنا الألم، يستغل كبار القادة السياسيين المشاعر لحثنا على السكوت والوقوف وراء سياستهم. فبعد ظهر يوم الاثنين، اجتمعت الطبقة السياسية برمتها بشكل رسمي للدعوة إلى الوحدة الوطنية وراءها. وفي اليوم السابق، كان هولاند قد استقبل ساركوزي ولوبان في الإليزيه.

وهم يتحدثون عن الوحدة، ولكن هل أن حزب اليمين أو حزب الجبهة الوطنية سوف يعزفون عن مزايداتهم الكريهة ضد المسلمين والأجانب؟ هل سوف تضع الحكومة حدا لهذا المناخ المتفشي من التخوف والتشكيك؟ بالطبع لا! فمع حالة الطوارئ واتخاذ الشرطة لتدابير أكثر صرامة، علينا أن نتوقع انتشار ظاهرة توقيف الأشخاص بحسب لون بشرتهم، وكذلك تفشي الريبة والحذر ليغذي ذلك خطاب أسوأ العنصريين.

فبالنسبة لهولاند وساركوزي ومارين لوبان، إن "الوحدة الوطنية" تعني الاصطفاف وراءهم بهدف القيام بالحرب. وحتى لو قام اليمين وأقسى اليمين بانتقاد سياسة هولاند على أنها متساهلة، إلا أنهم يأمرون كل واحد منا بالإحتشاد وراء الحكومة لدعم المجهود الحربي ولقبول حالة الطوارئ والحد من الحريات. وإذ بمن لا يؤيد هذا المسار الحربي يصبح بنظرهم واقفا مع الجهاديين!

بذلك، علينا ألا نخضع أمام هذا النوع من الابتزاز! بل علينا التنديد بالإرهابيين وكذلك بمسؤوليات الدولة الفرنسية أيضا.

يمارس جهاديو داعش في المناطق التي يسيطرون عليها أكثر الدكتاتوريات وحشية. فهم يبتزون الناس ويجبرونهم على العيش وفقا لتعاليم القرون الوسطى، كما يستعبدون النساء ويقضون على من لا يشاطرهم فكرهم. وضحاياهم مسلمون ومسيحيون بقدر متساو، ذلك ما يثبت، إذا كان هناك حاجة لأي إثبات، بأن الأمر ليس بمسألة "صدام الحضارات" ولا "حرب بين الديانات" ولكنه صراع على السلطة ومن أجل ثروات المنطقة.

ولكن هذه الوحوش لم تخرج من لا شيء. ففي سبيل الحفاظ على هيمنتهم في منطقة الشرق الأوسط التي استعمروها، لم يتردد قادة الدول الإمبريالية في الاعتماد على أسوأ الأنظمة، على ديكتاتوريات أتت من العصور الوسطى، مثل المملكة العربية السعودية ودولة إسرائيل التي تقمع الشعب الفلسطيني.

وعندما كان الأمر يناسبهم، قام هؤلاء القادة بتسليح الجماعات المسلحة وعملوا على نشوء قوات معارضة. ففي العراق، أطاحت الولايات المتحدة بصدام حسين ودمرت جيشه واقامت نظام سياسي استبعد السنة عن السلطة. وإذ بنا نجد السنة على رأس داعش.

شنت القوى العظمى "الحرب ضد الإرهاب" قبل 14 عاما، بعد الهجوم على مركز التجارة العالمي. في ذلك الوقت، كان هناك بؤرة إرهابية أو بؤرتين في العالم. اليوم، هناك العشرات. فبدلا من القضاء على الإرهاب، قامت هذه التدخلات الإمبريالية، وبالعكس، بتغذيته.

الشهر الماضي، ضرب الإرهابيون في تركيا مخلفين 97 قتيلا. ومنذ أسبوعين، تحطمت طائرة روسية في سيناء: 224 قتيلا. يوم الخميس الماضي في بيروت، حصدت قنبلتان 43 شخصا. أما بالنسبة للحرب في سوريا، فإنها قد خلفت 000 250 قتيلا حتى الآن. لذا، كلا، لم تتصاعد الهمجية عند ضربها باريس، بل أنها قد لحقت بنا فقط لا غير.

لا يمكن لفرنسا أن تكون جزيرة الأمن والسلام في بحر من البؤس والحروب. فعالمنا، حيث تملك 67 عائلة ما يعادل يملكه 3.5 مليار شخص بهدف البقاء على قيد الحياة، وحيث تشكل أفريقيا والشرق الأوسط إلدورادو أطماع الرأسمالي وجحيما لسكانها، لا بد له إلا بإنجاب مسوخ. ولا يمكن التخلص من هذه المسوخ إلا عبر اقتلاع جذور المشكلة وهي سيطرة نظامنا الاقتصادي المجنون.

لذلك دعونا لا ننخرط في هذا الاتحاد المقدس بين الامبرياليين! دعونا لا ندع هولاند ولا ساركوزي ولا لوبان التحدث باسمنا! وإنه لأمر حيوي أن نشعر، نحن العمال، بوحدة المصالح الطبقية التي تجمعنا على اختلاف أصلنا، وذلك بهدف الدفاع عن أنفسنا ضد هذه الأقلية التي تستغلنا والتي تغرق العالم في الهمجية.

16 تشرين الثاني 2015