تونس ، مصر : ليس أمام المستغلين إلا النضال من أجل تحقيق مصالحهم الخاصة

چاپ
ترجمة

مقدمة نشرة "النضال العمالي" -- 31 يناير 2011

بعد الجزائر وتونس، جاء دور مصر للغليان. هزت التحركات الشعبية الدكتاتوريات التي كانت تبدوا مبنية على صخر. ففي تونس، تسببت في هروب الرئيس بن علي.

وتخلى قادة العالم الإمبريالي عن بن علي الذي طالما ما حموه، ومولوه، ومدوه بالسلاح، وها هم يفكرون بالتخلي عن مثيله مبارك، منتحلين لذلك صفة المناديين إلى الديمقراطية. هؤلاء الأوغاد النفاق!

فبالنسبة للقادة السياسيين في فرنسا، سواء اليمين في السلطة أو الحزب الاشتراكي، كان بن علي "صديقا لفرنسا"، هو الذي حافظ بمهارة على مصالح المجوعات الرأسمالية الفرنسية الموجودة بكثرة في هذا البلد.

ولكن الحركة الشعبية كانت قوية بما يكفي لكي تقوم القوى الإمبريالية بتوصية بن علي بالرحيل إلى المملكة العربية السعودية، كافلة المأوى له في فيلا فخمة، ناهيك عن حرية التصرف في طن ونصف من الذهب الذي سرقته زوجته من للدولة التونسية.

وبالنسبة لمبارك، حتى الساعة، لا زالت القوى الامبريالية تتردد نظرا للدور الاستراتيجي الذي يلعبه النظام المصري في الشرق الأوسط. ولكن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون قد بدأت الآن بالحديث عن الحاجة للانتقال الحكم.

وما تخشاه البرجوازية في البلدان الامبريالية ومستشاريها السياسيين والعسكريين هو أن يتعمق التحرك الناشئ وأن لا تكتفي الجماهير الفقيرة المندفعة بتغيير القادة السياسيين فتبدأ بالنضال من أجل المطالب الخاصة بهم، بدءا من العمل والخبز. وهم يعرفون جيدا أن هذه المنطقة بأسرها قابلة للانفجار بفعل عظمة البؤس عند الغالبية العظمى من السكان، الفوارق الاجتماعية غير المحمولة بين الطبقة المستغلة والطبقة الغنية. والزعماء السياسيون ليسوا إلا صمامات أمان لهذا الواقع. فالقوى العظمى تحمي أسوأ الطغاة ما دام بمقدور هؤلاء ربط جأش شعوبها. وعندما لم الزعماء قادرين على ذلك، فتستخدمهم ككبش فداء.

في تونس كما في مصر، يبحث زعماء العالم الإمبرياليين بشكل محموم عن البديل الذي بإمكانه وقف حركة الجماهير قبل أن تصل إلى الوعي بأن وراء شخص الدكتاتور هناك جهاز الدولة والجيش بشكل أولي، وخلفهم الطبقة البرجوازية المحلية، و البرجوازية الامبريالية بشكل خاص.

من الصعب معرفة إذا ما كانت للجماهير ما يكفي من الطاقة لتذهب حتى مهاجمة أولئك الذين يديرون اللعبة.

والطبقة العاملة في هذين البلدين، بالطبع، مصلحة في المشاركة بأكثر قدر ممكن في هذه الحركة الهائلة من أجل الحرية والحقوق الديمقراطية. ولكن من مصلحتها أن تشارك محتفظة بأهدافها الخاصة، دون أن تتردد في طرح مطالبها الطبقية. حتى في سبيل فرض الحقوق الديمقراطية والحريات المدنية، من الضروري أن يبقى المستغلون في التحرك، متنبهين من جميع المتقدمين للسلطة، وليس فقط أولئك الذين كانوا مرتبطين بقرب بالديكتاتور المخلوع، ورصدهم ومراقبتهم. فلكلمات "الحرية" و"الديموقراطية" معنى مختلف عند للجماهير المقهورة مقارنة للمعنى عند أوباما وساركوزي وأمثالهم الذين سيكتفون بنظام برلماني في السلطة، مع استمرار اضطهاد الفقراء في الأسفل. وهم سيتركون الطبقات الفقيرة تعاني من الفقر بينما تستغلها الطبقة الغنية.

ومن الأبدى على المستغلين القائمين بالتحركات أن يبقون متحذرين من الجيش في مصر، الذي يطرح نفسه كحكم الأزمة. طبعا، للمتظاهرين ألف مرة الحق في التآخي مع الجنود الذين يأتون من رتبة الشعب! ولكن من أجل جذبهم إلى جانبهم، لا بد إلا أن يدفعوهم إلى معارضة الجنرالات، وسلالة القادة العسكريين المرتبطين كالجسم بالروح إلى البرجوازية والذين كانوا ركائز سلطة مبارك. وإن اختار قائد أركان الجيش اليوم عدم اطلاق النار على المتظاهرين، فهذا ليس إلا في هدف الاحتفاظ على دوره في التحكيم لكي يتمكن من إطلاق النار مستقبلا.

إذا فلا بد للمستغلين في تونس ومصر وللبروليتاريا الصناعية، التي هي في صميم الإنتاج الرأسمالي، هناك كما هنا في فرنسا، أن تبدأ في التحرك وأن تتنظم حتى تصبح القوة الرئيسية. وإذا كانت طاقة الجماهير فعلا قوية، فإنه يصبح من الضروري بالنسبة للطبقات المستغلة أن يدركون مصالحهم الخاصة أن يتنبهوا بشدة من الأصدقاء الكاذبين، الذين، باستعمالهم عبارة "الوحدة الوطنية" أو "الديمقراطية" يودون إسكاتهم. هذا هو السبيل الوحيد للطبقات المستغلة لفرض حقها في الحياة.