غزة: إلى متى سوف يستمر حمام الدم؟
افتتاحية نشرة الشركات في 12 فبراير 2024
إلى أي مدى ستذهب الحكومة الإسرائيلية في مجزرة غزة؟ كم بعد من الدمار والجثث حتى تكتفي؟
في غضون 120 يوم، أسقط الجيش الإسرائيلي من القنابل على غزة يفوق عدد القنابل التي أسقطتها الولايات المتحدة على العراق في طيلة عام 2003. ومع تسجيل 28 ألف قتيل و100 ألف إصابة رسميا، تحول هذا القطاع الصغير من الأرض إلى غرفة موت. والآن يشن نتنياهو هجوما على رفح التي بدأت تقصف منذ يوم الجمعة!
وتضم هذه المدينة، الواقعة جنوب قطاع غزة، 1,3 مليون نازح فلسطيني وتشكل نقطة الدخول الوحيدة للمساعدات الإنسانية إلى القطاع. لكن بالنسبة لنتنياهو، هذا الأمر ليس بمشكلة، فهو ما زال يردد: "يجب على المدنيين إخلاء المدينة".
إن مجرد تخيل عملية الإخلاء هذه من شأنه أن يهز البدن. فاللاجئون يعيشون في رفح في خيام مؤقتة، مع الجرحى والمرضى والأطفال والمسنين المنهكين. إن حياتهم معلقة بالخيط الذي يربطهم بنقاط إمدادات المياه والغذاء التي توفرها المنظمات غير الحكومية. إذن، الرحيل؟ كيف وأين، مع العلم أن مصر لا تريد فتح حدودها؟
ويبرر نتنياهو هذا التصعيد الجديد بالحاجة إلى تدمير آخر جيوب مقاتلي حماس. إنها في الواقع سياسة إرهاب ضد جميع سكان القطاع. ويتعرض الفلسطينيون في غزة، الذين تم استهدافهم بالفعل، للتجويع، منذ أن قامت الحكومة الإسرائيلية، ومعها الولايات المتحدة وفرنسا، بقطع الإمدادات عن وكالة الأمم المتحدة، الأونروا، التي تمثل شريان الحياة النهائي لهم.
"طالما أن هؤلاء الأشخاص يتمتعون بصحة جيدة، فسوف يستمرون في القتال. ولكن إذا حرمناهم من كل شيء، فسنتمكن من وقف الحرب." هذا ما قاله مستوطن إسرائيلي، بكل فخر، فهو مستعد إذا لتحمل مسؤولية التطهير العرقي.
وإذا كانت سياسة الإرهاب هذه تهدف إلى تحطيم الفلسطينيين في غزة لسنوات عديدة، فإنها تولد أيضا أجيالا قادمة من المتمردين والمقاتلين.
وعندما سوف يتوقف صوت البنادق، لن ينعم أحد بالسلام. لا الفلسطينيون الذين سيحزنون على موتاهم وسوف يعيدون بناء قوتهم للمعركة، ولا الإسرائيليون الذين يعيشون باستمرار وأيديهم على الزناد، خلف أسلاك شائكة ترتفع باستمرار.
منذ قيام دولة إسرائيل بدعم من العالم الإمبريالي، أكد قادتها لليهود أنهم سوف يضمنون لهم السلام والأمن، بعيدا عن معاداة السامية والإبادة الجماعية التي وقعوا ضحايا لها.
لم يكن للعرب أي علاقة بالاضطهاد الذي بلغ ذروته في ألمانيا النازية، بالتواطؤ العلني إلى حد ما من جانب الدول الإمبريالية الكبرى الأخرى، لكنهم كانوا من دفعوا ثمن هذا الوعد ببناء ملاذ لليهود.
إنه وعد وهمي تماما، لأنه، كما قال كارل ماركس، "لا يمكن لشعب يضطهد شعبا آخر أن يكون شعبا حرا". وعلى مدار 75 عاما من وجودها، ظلت إسرائيل في حالة حرب بشكل شبه مستمر. وطالما استمرت المجازر والاستعمار والانتهاكات ضد الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية وإسرائيل، فلن يتمتع السكان اليهود الإسرائيليون بالسلام ولا الأمن.
إن المأساة التي تتكشف تفاصيلها في غزة سوف تحدد مستقبل الشرق الأوسط لعقود من الزمن. ومن يستطيع التأكد من أنها لن تشعل النار في العالم بأكمله؟
حتى الولايات المتحدة، سادة العالم الأوائل، تخشى ذلك. وذلك لسبب وجيه! فسياسة النهب التي ينتهجونها وجميع الحروب التي شنوها في الشرق الأوسط تسببت في حالة عدم الاستقرار الدائمة هناك. وهم لا يفعلون الكثير لمنع نتنياهو وأتباعه من اليمين المتطرف من إشعال النار في المنطقة.
إن للحرب على غزة لها توابع حتى الآن في جنوب لبنان، حيث تكثر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وحيث أصبح حزب الله، بدعم من إيران، دولة داخل الدولة. وامتدت العواقب إلى البحر الأحمر حيث يهاجم الحوثيون في اليمن السفن التجارية. كما بدأت عواقبها في العراق وسوريا حيث تزدهر العديد من الميليشيات على الخراب والكراهية التي زرعتها التدخلات الغربية المتعاقبة.
في الواقع، إن دوامة الحرب قد انطلقت. فالقوى الإمبريالية، التي صنعت الصراع بين اليهود وعرب فلسطين، ليست قادرة على وقفه. إن البديل الوحيد لهذه المسيرة إلى الحرب هو ذلك الذي يمكن أن يمثله المستغلون في جميع أنحاء العالم من خلال مهاجمة قادتهم والنظام الرأسمالي الذي يجسدونه.
ناتالي آرتو
مصدر النص: https://www.union-communiste.org/ar/lnsws-bllg-lrby
النص باللغة الفرنسية: https://www.lutte-ouvriere.org/editoriaux/gaza-jusquou-ira-le-bain-de-sang-729271.html