عن العولمة والأممية البلوريتارية - 2012

Εκτύπωση
ترجمة

مقتطفات من خطاب نتالي أرتو خلال الاحتفال السنوي للنضال العمالي : عن العولمة والأممية البلوريتارية.

أيار/ مايو 2012

النضال العمالي - عدد 2287 - حزيران / يونيو 2012

اليوم أود أن أحيي بشكل خاص الرفاق من البلدان الأخرى. (...) فبالرغم من البعد الجغرافي، و بالرغم من الظروف المختلفة التي يناضل فيها كل منا، فجميع الرفاق من مختلف هذه المنظمات يشاطرون نفس الأفكار ويناضلون من منطلق الشيوعية الثورية والأممية. (...)

في تناولنا لمختلف الأحداث في البلدان الأخرى، نطرح المسألة دائما حول كيف يجب أن تكون السياسة الموجهة للبلوريتاريا في كل من هذه البلدان. ونحن لا نقتصر على تعبير عن تضامننا وحسب. فإننا على سبيل المثال قد اعتبرنا الحراك الذي حصل في عدد من الدول العربية، خصوصا في تونس ومصر، كالحدث الأهم في بداية العام الماضي. لكن وإن كانت الجماهير تقوم عبر حراكها بفتح الطريق لوضع ثوري وللتغيير في المجتمع، إلا أنها قد لا تقوم بأكثر من فتح هذا الطريق.

فللبروليتاريا المقدرة والمصلحة في أن تتدخل في أوقات الصراع الطبقي الحاد في سبيل تعزيز مكانتها داخل المجتمع. فإذا كان الحراك عميق بما فيه الكفاية، وإذا كان للجماهير ما يكفي من تصميم، فإنه من إمكان البروليتاريا الذهاب إلى أبعد من ذلك بكثير، إلى قيام الثورة وإلى استيلاء الطبقة العاملة على السلطة. ولكن في سبيل التوجه نحو الثورة، يجب أن تعي البروليتاريا مصالحها السياسية الخاصة وأن تكون مستعدة للقتال في سبيل الاستيلاء على السلطة السياسية واستخدامها بهدف إدارة الاقتصاد والمجتمع.

وقد رأينا كيف، بمجرد أن بدأت الجماهير بالحراك في تونس ومصر، تشكل ما يشبه التحالف الممتد من ديمقراطيي البرجوازية الصغيرة في هذه البلدان إلى قادة العالم الإمبريالي. والآخرين كان يعلون أصواتهم للتعبير عن سعادتهم ب"الثورة العربية" بالقدر الذي كانوا يريدون خنقها قبل أن تتعمق إلى درجة تعيد النظر، ليس بصلاحية بن علي وبمبارك وحسب، بل أيضا بصلاحية الجيش، أي جهاز الدولة نفسه. وذلك خاصة قبل أن تقوم الجماهير الفقيرة بمهاجمة النظام الاقتصادي الذي يسحق العمال والمزارعين الصغار في تلك البلدان بهدف إثراء الفئة المتميزة محليا والامبريالية الرأسمالية على نطاق أوسع.

لم تتمكن البروليتاريا من لعب دور مستقل في تونس ومصر. فبعد عام من الحراك، النتيجة هي بالطبع سقوط الدكتاتوريين بن علي ومبارك. لكن المضطهدين في هذين البلدين لم يتمكنوا من المس بالفوارق الاجتماعية والفقر. وأقل من ذلك، فإن الأحلام بالديمقراطية قد اقتصرت على أن الانتخابات الرئاسية المصرية، التي تعتبر من قبل الجميع على أنها تعبير عن التحول الديموقراطي، تقدم الخيار بين جنرال سابق رئيس الوزراء السابق لمبارك من جهة، وممثل عن الحركة الاسلامية الرجعية، الأخوان المسلمين، من جهة أخرى. والمفارقة هي أن كلا من هذين المرشحين يدعيان تمثيل للثورة !

الأممية ليست مجرد مسألة تضامن

إن الأممية في ممارستنا تأتي من قناعتنا العميقة من أن الانتهاء بالمجتمع الرأسمالي والارتقاء بالتنظيم الاجتماعي إلى المجتمع الشيوعي لا يمكن أن يحقق إلا على الصعيد الدولي.

وإنه لمن أثقل مظاهر الرجعية في وقتنا الحاضر هو تراجع الأممية التي كانت تحملها الحركة العمالية الثورية في الماضي.

وكم سمعنا خلال حملة الانتخابات الرئاسية من سذاجات رجعية حول هذا الموضوع ! أنا لا أعني فقط الألفاظ النابية التي نطق بها ممثلي اليمين واليمين المتطرف ولكن خاصة كل المواضيع التي طرحت كالرجوع عن العولمة والحماية الوطنية والانكفاء الوطني والتي قدمها بعض الزعماء اليساريين على أنها أفكار تقدمية.

إن العولمة، بما تعني من إشراك المناطق النائية في الاقتصاد العالمي وتقسيم العمل بين مختلف البلدان ضمن اقتصاد عالمي واحد، تشكل العامل الرئيسي لتنمية البشرية. (...) بطبيعة الحال، المهندس الرئيسي والمستفيد الأول لهذه العولمة هي الطبقة الرأسمالية. بذلك، المسألة ليست بالقضاء على العولمة، أي الروابط البشرية والاقتصادية التي أقيمت بين أجزاء مختلفة من العالم خلال عدة قرون، بل المسألة هي بإلغاء العلاقات الاجتماعية القائمة على الرأسمالية. (...) الاقتراح بإلغاء العولمة هو من قدر من الغباء كالاقتراح بإزالة الجاذبية. فالإنسانية تمكنت من الطيران ليس عبر إزالة الجاذبية بل عبر السيطرة عليها واستخدامها. شجب العولمة بالحقيقة يجنب هؤلاء الناس إدانة الرأسمالية وخصوصا محاربتها.

أما بالنسبة لسياسة الحماية الوطنية، التي تشكل أسوأ هذه الافكار، فإنها تدعي حماية المستغلين في بلد ما من المستغلين في بلد آخر. في حين أن ما يتوجب الاحتماء منه هو الرأسمال الكبير الذي يقوم باستغلال الجميع.

فعندما أعلن البيان الشيوعي منذ أكثر من قرن ونصف بريشة ماركس وانجلز : "يا عمال العالم، إتحدوا"، فذلك لم يكن موقف أخلاقي بحت ولا تعبيرا عن التضامن وحده. كان هذا تعبير عن ضرورة توحيد العمال في جميع أنحاء العالم لقواهم في سبيل التمكن من التصدي بشكل فعال للرأسمالية، ومصادرة أملاك البرجوازية الكبرى، ووضع وسائل الإنتاج بمتناول المجتمع بشكل يسمح بإدارة مشتركة وديمقراطية لثروات العالم. (...)

وتشديدي على أننا لا يمكن أن نكون شيوعيين ما لم نكن أمميين يأتي لأننا نعيش في عصر تعرضت فيه جميع الأفكار الأساسية للحركة العمالية الثورية للتحريف والتشويه إلى حد العبثية. (...)

وهناك أيضا الأسلاك الشائكة التي تزرع في عقولنا بالقول بأن الأزمة الاقتصادية والبطالة وانتقال الانتاج نحو بلدان أخرى هم من فعل العمال في البلدان الأكثر فقرا، وأنه يتوجب بذلك الاحتماء منهم. ومن بين الافكار الاكثر خطورة التي تقوم بتنصيب العمال في فرنسا ضد بعضهم البعض وذلك حسب أصولهم الجغرافية، على الرغم من أنهم يعيشون في الأحياء نفسها، ويعملون جنبا إلى جنب على نفس قنوات الإنتاج.

مرة أخرى، أن تضامننا مع العمال الأجانب، سواء تجيز لهم الدولة بالبقاء في فرنسا أم لا، ليس مجرد مسألة التضامن. ذلك لأن العمال الأجانب هم جزء من الطبقة العاملة، أي جزء منا. (...)

لا للتدخلات الإمبريالية العسكرية!

(...) وإذا كان هناك مجال واحد لا تتغير سياسته بتغيير الفريق الحكومي فهو السياسة الإمبريالية. فهولاند قد التقى مع نظرائه في الدول الكبرى الأخرى حاملا السجلات المدونة من قبل نفس الإدارات التي كانت في ظل سلفه، ومن نفس المسؤولين الكبار في الدولة الذين لا يتم انتخابهم من قبل الشعب.

وكم سمعنا من الضجيج الاعلامي حول قرار هولاند بسحب القوات الفرنسية من أفغانستان قبل نهاية هذا العام! (...)

فالميزة الوحيدة لهولاند هو الانسحاب من هذه الفوضى في تاريخ يسبق بقليل البريطانيين والأميركيين ولكن بعد الكنديين. والانسحاب هنا لا يشمل إلا القوات المقاتلة فقط!

وأن انسحب الجيش الفرنسي من أفغانستان، فهو لا يزال متواجد إلى حد كبير في القارة الأفريقية. (...) فماذا تعني في هذا السياق أقوال الحزب الاشتراكي حول نهاية العلاقات بين فرنسا ومستعمراتها السابقة في أفريقيا الذي تقوم على التواطؤ بين قادة الإمبريالية الفرنسية والقادة المحليين في سبيل ضمان أولوية نهب هذه الدول للبرجوازية الفرنسية ؟

ولا ننسى أن الحزب الاشتراكي إن لم يكن في السلطة أبان قصف ليبيا فإنه لم يوجه أي اعتراض على هذه العمليات بل أعلن عن دعمه لها. والنتيجة بعد عام من هذا التدخل في ليبيا هي فشل ذريع. (...)

بذلك نحن فخورون بكوننا من بين أولئك الذين أعربوا عن معارضتهم لقصف ليبيا الذي لم يعود بالإفادة إلا ل داسو (Dassault) وتجار السلاح.

الامبريالية لم تأتي بأي تقدم لشعوب البلاد التي تدخلت فيها. فلتسقط إذا جميع التدخلات الإمبريالية! (...)