المواد الأولية : المضاربون يجوعون العالم - 2008

Drucken
ترجمة

النضال العمالي٬ العدد 2072 * 18 ابريل 2008

إن ارتفاع أسعار المواد الأولية٬ البترول والمعادن والمواد الغذائية٬ قد بلغ ذاك الحجم إذ أن الخطابات التي ترد هذه الظاهرة إلى تزايد الاستهلاك في الهند والصين قد أصبحت واهنة كليا. أما قيل أن أسعار البن لن ترتفع٬ لأن الصين والهند لا تستهلكان القهوة؟ إن ارتفاع الاستهلاك العالمي للقهوة لن يتجاوز ال ١٬٦٪ لهذه السنة٬ لكن ذلك لم يحل دون ارتفاع سعر البن في بورصة نيويورك نحو ٢٢٪ منذ بداية العام.

حتى تطوير المحروقات الزراعية agrocarburants٬ والتي من المفترض أن تحل٬ في تمام سنة ٬٢٠١٠ محل ١٠٪ من البترول المستعمل في النقل٬ فذلك لا يسمح بتفسير الارتفاع الحالي لأسعار الذرة والقمح وقصب السكر و زيت النخل...

الحكام والمعلقون أصبحوا مجبورين بالاعتراف بالمسؤولية الكبرى للمضاربة وراء ارتفاع أسعار هذه المواد.

فالأمر هو بتكاثر عدد كتل رؤوس الأموال التي تبحث عن الربح السريع٬ فتنطلق بالتالي في مراهنات على ارتفاع أسعار المواد الأولية٬ فتشتري بسعر ما لتعاود البيع بسعر أكبر٬ لكي تقبض الفارق. وهكذا٬ يقوم أصحاب رؤوس الأموال٬ عبر المراهنة على الغلاء بهذا الشكل٬ برفع الأسعار فعلا. كل هذه الصفقات تتم بائتمان٬ والمبلغ المقدم أوليا قد لا يشكل إلا٥٪ من المبلغ المحصود٬ وذلك قد يكرر مرات عدة٬ بسعر أكبر في كل مرة٬ قبل أن يتم كسبها فعليا.

إن كتل رؤوس الأموال التي تبحث عن الاستثمار قد ازداد حجمها منذ العام المنصرم. فالذين يملكون المال لا يدرون ما العمل به٬ فها هم منذ زمن لا يريدون استثماره في إنتاج أشياء مفيدة٬ والآن٬ مع تباطؤ النمو الاقتصادي٬ أصبح ذلك أكثر فعليا. ومع الأزمة الحالية في القطاع السكني٬ تقوم هذه الأموال بهجرة هذا القطاع لكي تتجه نحو المضاربة على المواد الأولية٬ وهو ما يؤمن لها ربحا أكبر في الوقت الحاضر.

و أيضا٬ قامت البنوك المركزية بوضع المئات من مليارات الدولارات في متناول البنوك٬ في محاولة منها لكبح الأزمة المالية التي انطلقت من الولايات المتحدة.

لا شيء غير هذه التحركات المفاجئة لرؤوس الأموال يسمح بفهم الغلاء المتسارع الذي نشهده. فسعر الأرز٬ على سبيل المثال٬ قد قفز بنسبة ٣١٪ في نهار واحد٬ في ٢٧ آذار (مارس) المنصرم. خلال ستة شهور٬ ارتفع سعر الذرة بنسبة ٨٠٪ في بورصة المواد الزراعية في شيكاغو. مليون عقد قد مر فيها يوميا بارتفاع بنسبة ٢٠٪ منذ بداية السنة. ففي الوقت الذي يتباطأ فيها الإنتاج ويتقلص فيه حجم التبادل التجاري تتزايد هذه المشتريات على الورق٬ وترتفع الأسعار بدل أن تنخفض.

صندوق النقد الدولي يتكلم بخجل عن "الفصل بين أسعار المواد الأولية والتباطؤ الحالي للاقتصاد العالمي". ولكن جميع قادة العالم يدرون قلة صحة هذا الكلام. ووفقا لمنظمة الأغذية والزراعة FAO، فإن كلفة فاتورة استهلاك الحبوب في البلدان الفقيرة قد تزداد بمقدار ٥٦ ٪ في عام ٢٠٠٨، بعد زيادة قد بلغت ال٣٧ ٪ في عام ٢٠٠٧. إن عشرات الملايين من الناس لم يعد بمقدورهم تأمين عيشهم، ومع ذلك٬ لا شيء قد فعل في اتجاه منع هؤلئك من أصحاب رؤوس الأموال من الأذى. وأنه ليجب كبح الطبقة الرأسمالية بأكملها مع نظامها الاقتصادي القائم على أساسها المقدس ألا وهو الربح. أما حكام العالم، والمنظمات الاقتصادية العالمية٬ فيشاركون في هذا الكازينو العملاق في سبيل في خدمة مصالح أصحاب رؤوس الأموال نفسهم٬ ذو الغناء الفاحش٬ وذلك عبر مدهم بمقدار أكبر وأكبر من الثروات التي ينتجها العمال والفلاحون في جميع أنحاء العالم.

Dominique CHABLIS

أكاذيب وسخرية من قبل أحد المدافعين عن النظام.

وعن الإضرابات من أجل الأجور في البلدان الفقيرة٬ صدر في صحيفة لوموند Le Monde بتاريخ 3 نيسان / ابريل، مقال بقلم نيكولا بوزو Nicolas Bouzo٬ مدير شركة استشارية، أي بمعنى آخر شركة لدراسة السوق لتحديد أفضل الوسائل لزيادة المردود لصالح الرأسماليين، كتب فيه أن ما يؤدي إلى رفع الأسعار ألا ما هو "هذا المليار من الناس الذي دخل الاقتصاد منذ عام ١٩٩٠ إلى جنب ارتفاع عدد وجباته من واحدة في اليوم الواحد إلى اثنين." وأضاف : "إن البلدان النامية تنتقل إلى مستوى البلدان الظاهرة٬ وإن لذلك ثمن".

وبعبارة أخرى، لا تلقوا مسؤولية ارتفاع الأسعار على الشركات العملاقة، كتلك المنتجة للأغذية الزراعية. المسؤولون الوحيدون عن ذلك هم هؤلاء العمال الذين تجرؤا على أخذ وجبتين يوميا٬ فطالبوا وحصلوا على ما يسمح لهم بتقليل صعوبة الحياة التي يعيشونها.

ومن الواضح أن هذا كذب، لأن ليس وراء كل هذا أي "قانون اقتصادي" لا نستطع فعل شيء لمواجهته. فالأمر ليس إلا أن الهم الوحيد لأصحاب الرساميل المسيطرين على الاقتصاد ليس إطعام السكان، ولكن على تحقيق المزيد والمزيد من الأرباح٬ ليس إلا.

A. R.