افتتاحية نشرة الشركات في 13 يوليو 2015
* * * * * *
في حين أن تسيبراس قد استسلم بتعهده بفرض خطة التقشف الجديدة - والتي كانت الطبقات الشعبية قد رفضتها بالتصويت "لا" في الاستفتاء - واصل القادة الأوروبيون ابتزازهم المشين. فهم لم يكتفوا بقيام تسيبراس بخيانة برنامجه، بل أرادوا استسلامه كليا.
فتوجب على تسيبراس رفع سن التقاعد إلى ال67 سنة وزيادة ضريبة القيمة المضافة والقيام بخصخصات جديدة. وكل هذا يجب أن يتم باملاء من الحكوات الأوروبيين. كما سيتم حجز الأموال التي سوف تجمع لضمان قرض جديد. كل هذا ليس إلا عملية وضع اليونان تحت الوصاية.
إنها لسياسة إجرامية موجهة ضد الشعب اليوناني وجميع المستغلين في أوروبا. فأننا بدأنا نسمع منذ مدة، هنا في فرنسا، كلاب رأس المال الكبير تدعو لنفس النوع من التدابير لخفض الديون.
لكن وضع مسؤولية هذه السياسة على عاتق صرامة ميركل هو خداع. فالثنائي الفرنسي - الألماني يشكلان فريقا متكاملا. فهولاند يساعد ميركل على الحصول على دعم الناخبين المحافظين الألمان، في حين أنها تشكل ذريعة لهولند لفرض تدابير التقشف. وهكذا ساعدت لعبتهم الصغيرة هذه على سحق الشعب اليوناني. وغدا، من التالي؟
كما يرددون بشكل دومي على مسامعنا بأنه "ليس على الفرنسيين والألمان القيام بدفع ديون اليونانيين". ولكن ماذا يعني ذلك؟ فإنه كما لا يوجد قواسم مشتركة بين الأغنياء والفقراء في فرنسا فإنها أيضا معدومة بين ملاكي السفن الأغنياء والعمال اليونانيين. ففي اليونان، كما هنا، إنهم الأغنياء دوما الذين يتمكنون من التهرب من دفع الضرائب، لتقدم الفاتورة بعدها إلى العمال. فإذا كان هناك من دفع باهظا ثمن التطفل المالي فأنها تحديدا الطبقات الشعبية اليونانية!
أما بالنسبة للمقارنة بين "الجهود المبذولة" من قبل الشعوب الاوروبية، واستخدام بؤس العمال البرتغاليين أو الاستونيين لإعطاء دروس إلى اليونانيين، فإنها لوقاحة غير محدودة. بوجه كل هؤلاء القادة، أصحاب السياسات المعادية للعمال، يجب أن نؤكد على التضامن الطبقي بين جميع المظلومين.
وال80 مليار المقدمة إلى اليونان قد تم وضعها في صندوق أوروبي من شأنه إقرادها لليونان مع فوائدها المترتبة. الأمر الذي سوف يقوم بإسعاد المصرفيين وزيادة مصيبة اليونانيين. ف"خطة الإنقاذ" هذه لن تقوم بانقاذ اليونان أكثر من الخطط التي سبقتها. بل أنها سوف تغرقها تماما كما يقوم المرابي بإغراق من لديه الكثير من الديون، عن طريق منحه قروض جديدة مع فوائد ليضطره على بيع منزله وسيارته.
وجميع الخبراء يقولون بأن هذه الصرامة تجاه اليونان لا معنى لها اقتصاديا. لكن المواجهة في الحقيقة ليست مالية، بل سياسية.
فالقادة الأوروبيون يريدون ان يظهروا بأنهم سيكونون بلا رحمة مع المضطهدين. وإنه سوف يتم معاقبة أولئك الذين يترددون في دفع قرودهم لأسواق المال. ليتم بذلك فرض قوانين رأس المال على قوانين الديمقراطية وعلى ظهر الملايين من النساء والرجال. لهذا، سوف يشكل اليونانيون مثالا على هذه السياسة.
وهكذا تتحمل القوى الكبرى مسؤولية تحويل اليونان إلى دولة من دول العالم الثالث. أما تسيبراس، فإنه سيتحمل مسؤولية خيانة وعوده.
فبسؤاله الناس الأدلاء برأيم بما يخص التضحيات المطلوبة منه، أثار تسيبراس أوهام كثيرة. ولكن إلى ما نفعه ذلك؟ لتعزيز شرعيته فهدف الحصول على دعم البرلمان لدوس تصويت ناخبيه.
إن فشل تسيبراس يوضح الطريق المسدود للسياسات الإصلاحية والتي يرفعها هنا "يسار اليسار"، من ميلينشون إلى الحزب الشيوعي الفرنسي.
و تسيبراس لم يدعى يوما معارضة النظام الرأسمالي وتمثيل المصالح السياسية للمستغلين ضد مستغليهم. فهو كان فقط يحارب من أجل كرامة اليونان، لكي لا يتم التعامل معها كشبه مستعمرة، ليتمكن لاحقا أخذ حرية أكبر في قرارات سياسته الداخلية.
حسنا، حتى ذلك، لم تمنحه له القوى الكبرى التي أجبرته إلى خيانة التزاماته الانتخابية.
مع الأزمة الاقتصادية، أصبح الصراع الطبقي حربا شرسة حيث تتطلب البرجوازية خضوعا تاما لقانون رأس المال. إن السعي إلى التفاوض معها أو توسلها غير مجدي. والأحزاب السياسية التي ليست مصممة على محاربة البرجوازية وجذور سلطتها - الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، واقتصاد السوق والمنافسة - يمكن لها إعطاء الوعود التي تشاء : فإنها سوف تحكم حتما لجهة مصالح الشركات التجارية الكبرى.
اليوتوبيا ليست لدى الثوريين، بل هي بالاعتقاد بامكانية التوفيق بين مصالح المستغلين ومصالح البرجوازية.